روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | من أخلاق الدعاة.. (6) الثبات على المبادئ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > من أخلاق الدعاة.. (6) الثبات على المبادئ


  من أخلاق الدعاة.. (6) الثبات على المبادئ
     عدد مرات المشاهدة: 3937        عدد مرات الإرسال: 0

الثبات على المبادي من أهم أخلاق الدعاة إلى الله، وهو الخلق الذي يحدو بقلوب المدعوين إلى اتباعهم وسلوك سبيلهم واتباع طريقهم.. ومعناه أن يلتزم الداعية بالمبادئ التي يدعو إليها، فلا ينبغي أن يخالف الناس إلى ما ينهاهم عنه في قليل أو في كثير، بل يجب أن يكون أكثر الناس التزامًا بدعوته، وثباتا عند الفتن والملمات، وعند مواطن الابتلاءات.

 

فمثلًا لا يجوز أن يأمر أتباعه باتباع السنة والتمسك بها ثم يجدونه مفرطًا في بعض السنن، وإن ظنها هو بسيطة، كذلك لا ينبغي أن يأمرهم بالصدق ثم يسمعونه يكذب ولو مازحًا، أو يأمرهم بالأمانة ويخون ولو مرة، وينهاهم عن أخذ جوائز السلطان ثم يقبلها، كما يلزمه أن يكون مثالا في الصبر والتحمل من أجل دعوته، فإذا كان خوّارا هيابا عند طروء المحنة ووقت الشدة والفتنة، فهذا يقدح في شخصه وفي دعوته.

وإنما تظهر حقيقة الثبات عند أمرين:

1- طروء المغريات من مال ومنصب وجاه.

2- أو عند مقابلة المحن والابتلاءات.

فالمغريات أكثر ما يرد الدعاة عن وجهتهم ويثنيهم عن مبادئهم، خصوصًا إذا لاح من وراء ذلك مصلحة ومنفعة للدعوة.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما رواه أهل التاريخ أن قتيبة بن مسلم دخل سمرقند دون أن ينذر أهلها، فعلم أهل سمرقند أن الإسلام يخير أهل البلدة قبل دخولها بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، فأرسلوا إلى عمر بن عبد العزيز، فبعث عمر يحيل الأمر إلى جندي من الجيش اسمه جُميع الباجي فصار قاضيًا بين قادة الجيش بما فيهم قتيبة بن مسلم وبين أهل سمرقند، وبعد سماع الفريقين أمر جميعٌ القاضي قتيبةَ بن مسلم قائد الجيش أن يخرج بجيشه من البلد، وينذر أهلها، فإن أجابوا وإلا استأنف حربهم.

وبالفعل أمر قتيبة جيشه بالخروج من البلدة بعد فتحها، وعندما بدأ الجيش الخروج، أسلم أهل سمرقند، أو أكثرهم.

وانظر لو حدث هذا لغير المسلمين، أو حتى لمسلمي هذا الزمان، ثم قارن لتعرف كيف يكون الثبات على المبدأ.

ويظهر الثبات على المبادئ بصورة أوضح عند مواجهة الابتلاءات، خاصة إذا كان ثمن الصبر هو حياة الداعية نفسه.

- ومما يروى عن عبد الله بن حذافة السَهمي رضي الله عنه أنه لما أسروه جوعوه أيامًا ثم أحضروا له طعامًا فيه لحم خنزير، وخمرًا بدل الماء، فأبى أن يأكل وأشرف على الموت، فأحضروه وسألوه فقال: والله لقد كان لي في أكلها رخصة ولكن أردت ألا أشمتكم في الإسلام.

- ولما سئل بلال بن رباح رضي الله عنه: لماذا كنت تقول أحدٌ أحد؟ قال: والله لو علمت كلمة أغيظ لهم منها لقلتها.

- وبلغ المعز العبيدي حاكم مصر الباطني كلام عن الإمام أبي بكر النابلسي فأحضره المعز وقال له: بلغنا انك تقل لو أن عندك عشرة أسهم لوجهت تسعة منها للكفار وواحدا إلينا. قال الشيخ ما قلت هكذا.. ولكن قلت: لو أن عندي عشرة سهام لوجهت بواحد إلى الكافرين وتسعة إليكم (أي الرافضة) .، فأمر المعز جزارا يهوديا بسلخه حيا، فما زال يسلخه والشيخ يقرأ القرآن حتى بلغ قلبه فأشفق اليهودي عليه فطعنه في قلبه فقتله.

بهذا تنتصر الدعوات.

بهذا الوضوح- أيها الدعاة- تنتصر الدعوات.. بوضوح أحمد بن حنبل يوم المحنة، وبوضوح سيد قطب حين قيل له: لو قدمت استرحامًا؟ قال: إن أصبع السبابة التي شهدت لله بالوحدانية لترفض أن تكتب حرفًا واحدًا تقر فيه حكم الطاغية!!.. لماذا أسترحم؟ إن كنت محكومًا بحق فأنا أرتضي حكم الحق، وإن كنت محكومًا بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل.

بمثل هذه النماذج تتأثر الجماهير، وتتبع الأجيال، ويقلد الشباب.

بمثل هذه النماذج تنتصر الدعوات، بالدماء التي تراق، وبالأرواح التي تزهق، وبالأشلاء التي تتناثر، لا باللف والدوران والمخادعة الجاهلية والنفاق والتقية، وعدم معرفة الباطن من الظاهر، والتلون بتلون الحرباء، فهذا لا يقيم دعوة ولا ينصر دينًا.

{يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200].

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.